التمهيد:

الادب هو مقولة عامّة لاجناس ادبية متنوعة : كالشعر _ المسرح _ الرّواية _ القصّة _ الاقصوصة _ المقامة.... ولكن هذه الاجناس قد تنضوي في فترة تاريخية <ما> تحت مذهب ادبي او مذاهب ادبية متنوّعة قد تتعايش في نفس الفترة.

والمذاهب الادبية متنوعة ومختلفة في اتجاهاتها ابداعا ونقدا اذ نجد المذهب الكلاسيكي والرومنطيقي والسريالي والواقعي ......

وقد نحاول ان نتبين اهم الخطوط الكبرى التي يسير عليها المبدعون الرومنطقيون في كتاباتهم ، فنصطدم من اول وهلة بهذا الاختلاف الذي يقارب القطيعة مع المذهب الكلاسيكي الذي كان سبقه زمنيا. فالادباء الكلاسيكيون كانوا يتشبثون بنقل الواقع الفعلي كما هو في نصوصهم بحيث الادب عندهم نقل للواقع بكل امانة ودون تصرّف.

بذلك تصبح النصوص الابداعية وكانها قوالب تنصب فيها احداث الواقع ، مما جعل هذا الاتجاه في الكتابة يلامس الجفاف نظرا لضعف الطاقة التخييلية فيه، وكذلك نظرا لاستهلاك هذا المذهب الابداعي لكل مواضيعه ممّا جعله يدرك افقا مسدودا.

حينها كان لابدّ من بديل وكان على المذهب الكلاسيكي ان يترك الساحة لمذهب ادبي اكثر حياة وقدرة على خلق المواضيع والاشكال، وعلى خلق لغة واساليب ابداعية جديدة تعبّر كلّها في نهاية الامر عن الحياة وعن اتجاه الانسان نحو المستقبل ، هذا المذهب الجديد هو المذهب الرومنطيقي الذي حاول منذ ظهوره القطع مع كلّ انساق المذهب الذي سبقه. وهو في الحقيقة لم يكن مذهبا ادبيا ابتدعه العرب وانّما ظهر في القرن 19. وبلغ اوج الخلق والابداع حينها مع الاوروبيين ومن ابرز اعلامه الشاعر والرسام الانقليزي ( بلاك ويليام) و الشاعر

(يانق ايدوارت) ولم يظهر هذا الاتجاه في الابداع عند العرب الا بعيد الحرب العالمية الاولى ومن اهم اعلامه في تونس نجد الشابي الذي تاثر بدوره بجماعة المهجر ومن بينهم جبران خليل جبران. في هذه الفترة بدا المذهب الرومنطيقي يتراجع في اوروبا ليترك الريادة لاتجاهات ادبية اخرى مثل السريالية، في حين كان المبدعون العرب ينظرون لهذا الاتجاه الابداعي على انه اخر ما ادركه الانسان من طرق في التفكير واشكال في الكتابة.

ومن اهم الافكار والمواضيع التي وجهت النصوص الابداعية الرومنطيقية : نجد فكرة الحرية < فالانسان عندهم هو الانسان الرافض الحالم ، متوهج بالاشواق مندفع نحو الاقاصي والمسافات البعيد>

والحرية في كتاباتهم يجب ان تكون على كل المستويات السياسية والاجتماعية والفكرية والروحية والحدس بالحرية مقرون في ابداعاتهم بضرورة الانتشار والسفر الذي يتراوح في ابداعاتهم حسب نفس الكتابة بين الفعل والانفعال بين الفعل في الاشياء والاخر، والانفعال الذي يتجسّد في معنى الحزن العميق والكآبة. وكان الحواجز حينها تسقط بين الاضداد فتتالف المختلفات وتختلف المتالفات فتسقط الحدود والحواجز حينها بين الموت والحياة والليل والنهار والخير والشر والاخذ والعطاء واليقظة والحلم. فالحرؤكة الابداعية عندهم تتحرك في نهاية الامر بين المالوف واللامالوف بين العقل والوجدان بين الوعي واللاوعي وقد تكون هذه الحركة الموزعة الاتجاهات هي السبب في نقد الرومنطيقيين للمدينة واحترامهم لعالم الطبيعة التي تجسم الحرية والصفاء والطهر ففي الطبيعة خلاص من الحواجز والجدران والتوقيت والقوانين هناك ايضا تتوفر الفرصة لاطلاق الخيال والتخيل فيسافر الانسان بذلك في مغامرة الحرية والحلم.

واذا كان الرومنطيقيون اصحاب الاحلام الكبيرة فهم ايضا اصحاب الاحزان المثقلة فمن المتحمسين للرومنطيقية في بدايتها من نادى بالحرية المطلقة في اشكال واساليب الكتابة الى جانب تنويع الرؤى في الشعر وتجديد المواضيع فكان ان افرزت الرومنطيقية معجما طبيعيا ثري ومتنوع.

هذا التيار في نهاية الامر هو ابداع يقوم على فكرتي الرفض والحلم رفض للمالوف السائد والسابق وحلم

بمستقبل منفتح يتاسس على الحرية < انه ادب الانسان الحالم حينا والحزين الكئيب حينا اخر>

||يتبع|

|ACCEUIL|CLUBS|النوادي|نادي الادب العربي|